يشغل مستقبل اللغة العربية جمهرة علماء اللغة والمفكرين والأدباء والكتاب والباحثين الذين
يهتمون بتطور الفكر واللغة والأدب والحياة الثقافية بشكل عام في العالم العربي الإسلامي. وتنال
هذه القضية قسطًا وافرًا من اهتمامات مجامع اللغة العربية، وأقسام اللغة العربية وآدابها في
الجامعات العربية، وفي الجامعات الإسلامية والعالمية التي بها كليات وأقسام للغة العربية، وفي
مراكز البحوث والدراسات العربية الإسلامية، وفي المنظمات والهيئات والمؤسسات التي تخت ص
بالتربية والثقافة، وفي المقدمة منها، المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، والمنظمة
العربية للتربية والثقافة والعلوم، ومكتب تنسيق التعريب التابع لها، وفي الصحافة والإعلام
وأقسام الترجمة في المعاهد والكليات المتخصصة.
فالتفكير في مستقبل اللغة العربية قضية بالغة الأهمية، في الفكر العربي الإسلامي المعاصر، لها
صلة وثيقة بسيادة الأمة العربية الإسلامية على ثقافتها وفكرها، وعلى كيانها الحضاري، وعلى
حاضرها ومستقبلها. فهذه (قضية سيادة) بالمعنى الشامل، وليست مجرد قضية لغوية وأدبية
وثقافية.
ويش ّ كل التفكير في حاضر اللغة العربية وفي مستقبلها، أحد أهم الانشغالات التي تستقطب اهتمامي
منذ فترة طويلة، فقد عنيت بهذه القضية عناية بالغة، قارئًا، ودارسًا، ومسؤو ً لا في موقعي
بالمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، حيث انص ب اهتمامي على بحث القضايا المتعلقة
بمستقبل اللغة العربية، وتحليل حالة لغة الضاد في هذا العصر، بالمقارنة مع ما كانت عليه في
عصور سابقة، وخاصة في عصر النهضة، وبصورة أخ ص، في النصف الأول من القرن
العشرين.