المشاركون في ندوة .. المخاطر التي تواجه العربية: إهمالنا أشد وقعاً على اللغة
شؤون ثقافية
الاثنين 28/4/2008
هناء الدويري
إن طرح سؤال هل الحضارة سابقة على اللغة أم أن اللغة هي الأسبق, أو أن نتاج أي حضارة يستلزم هذا الوعاء الذي يعبر عنها ويحتويها ويتطور بتطورها, مثل هذا التساؤل يجعل منا أمينين على لغتنا وحريصين كل الحرص على ألقها وتجددها,
وتجددها لا يعني أبداً الانتقاص من فصاحتها وجزالتها بل على العكس تثبت قدرتها على استيعاب كل أشكال الحضارة والتطور, ولغتنا العربية من أكثر اللغات قوة وجمالاً في العالم حيث تعجز أي لغة أمامها بأن تأتي للكلمة الواحدة بأكثر من مئة مصطلح, أو أن يأتي المصطلح الواحد بأكثر من مئة تعبير, ففي أحد النوادر المضحكة /شتم رجل آخر بنعته يا كلب فأجابه إنما الكلب الذي لا يعرف للكلب سبعين اسماً/, وليس الجيل الجديد هوفقط المسؤول عن المخاطر التي تواجه لغتنا, بل هي جملة من الظروف والأسباب طرحتها الندوة التي أقامتها دار الفكر في أسبوعها الثقافي تحت عنوان /دمشق حاضنة اللغة العربية وكان لمجموعة من الأساتذة والباحثين جملة من الآراء في هذا الموضوع بثوها في ندوتين أقيمتا في قاعة رضا سعيد والمركز الثقافي بكفرسوسة, علّ تلك الآراء تحثنا على العمل وليس فقط الأمل…
الخطر العربي أشد وقعاً على اللغة
الدكتور /مازن مبارك/ ميّز بين الخطر والتحدي اللذين يواجهان اللغة العربية, وقسم الخطر الى داخلي وخارجي معتبراً أن الخطر الداخلي وهوالخطر العربي على اللغة هو الأشد وقعاً والأكثر إيلاماً من النزعات والدعوات التي صاح أصحابها منذ عصر النهضة الى العامية, ونبذ الإعراب وترك الحرف العربي واستخدام اللاتيني, والخطرالعربي يكمن في هجر أبناء الأمة العربية للغتهم وانشغالهم بغيرها, والحاجة ماسة الى الوعي اللغوي في حياتنا الاجتماعية, وإقصاء اللغة العربية عن التعليم العالي في البلاد العربية يسهم في قوقعة العرب وإبعاد لغتهم عن العلم, أما التحدي فيجب أن نقبله ونشارك به وأن يكون أهلاً له خاصة فيما يتعلق بموضوع المعلوماتية والتقنية الحديثة وبرمجة الحاسوب وتطويع اللغة العربية لهذا الغرض.
أساتذتنا غير متقنين للعربية
الدكتور /حسام فرفور/ يشير الى أن العربية غريبة بين أبنائها وأساتذتها, ويقول نحن لدينا معلمون ولكن ليس لدينا أساتذة متقنون للعربية الفصيحة, وهذا استخفاف بلغة الحضارة ولغة العلم لعشرة قرون, ففي فرنسا حتى مشارف القرن التاسع عشر كان كتاب القانون لابن سينا هوالسائد, ولابد من تمكين لغتنا العربية بالطرق الصحيحة التي تحفظ لغتنا وحضارتنا التي بنى العالم حضارته عليها /في العلوم والفنون وشتى مجالات الحياة/.
الانزياح اللغوي للحق العربي
الدكتورة /بثينة شعبان/ وزيرة المغتربين تجد في الهجمة على الأمة العربية في أول أوقاتها هي هجمة على اللغة العربية, ومجمل الظروف السياسية المحيطة بنا والتي تسعى للحد من انتشار العربية ليست مصادفة وإنما هي نتاج مخطط مسبق يستهدف حضارتنا ولغتنا وديننا وتراثنا, والحرب ضد اللغة أخطر بكثير من الحرب السياسية أوالعسكرية لأنها حرب ضد الهوية, ومع أن لغتنا العربية تأتي في المرتبة الرابعة أو الخامسة في تصنيف اللغات العالمية بحسب عدد المتكلمين بها, إلا أننا مقصرون في حقها خاصة في الاصطلاح لكل ما هو جديد برغم أن العربية هي الأكثر قدرة على الاشتقاق, ونبّهت للخطر الذي يحدق بنا وهو الانزياح اللغوي للحق العربي, فإسرائيل عندما تنتصر علينا فهي تنتصر في معارك لغوية بحتة دون أن تحرك ساكناً, لأنه لا يوجد تحرير في وسائل الاعلام العربية فجميعها مستقبلة للخبر, وليس أي خبر بل الخبرالذي تصممه مراكز الأبحاث, واللغويون والمختصون النفسيون في اسرائيل ويصدرونه ونحن بكل أسف نستخدمه.
العولمة الثقافية هي الأخطر
الأديبة والباحثة /جمانة طه/ ترى أنه هنالك جملة من التحديات التي يواجهها العالم العربي تحت مسمى /العولمة/ والتي لا تأخذها على محمل الجد, وترى أن العولمة الثقافية أخطر بكثير من العولمة السياسية والاقتصادية, وتحدثت عن دور الاعلام في مواجهة الخطر المحدق بنا وإسهامه إسهاماً كلياً في حماية اللغة العربية وضرورة تمكينها, ودعت المسؤولين في الاعلام الى ضرورة إلغاء العامية والألفاظ الأجنبية المدخلة من التلفاز والصحف والمنشورات الخاصة والعامة, كما دعت القائمين على تمكين اللغة العربية للقيام بالحوار مع القيمين على الدراما السورية للتخفيف من شدة جنوح هذه الدراما الى إضفاء صبغة العامية على اللغة إضافة للهجات المحكية.
العربية في ميثاق الأمم المتحدة
الدكتور /جورج جبور/ تحدث عن الدور السياسي في حماية اللغة, معتبراً أن السياسة هي القوة, واللغة تمتد عبر السياسة فتقوى بقوة سياستها وتضعف بضعفها, ولولا حرب تشرين عام 1973 لما قُبلت اللغة العربية لغة رسمية في الأمم المتحدة وحاولت الدول العربية منذ عام 1945 اعتماد العربية في سان فرانسيسكو لكنها لم تستطع بل أنجزت أمراً آخر وهو وضع مادة في ميثاق الأمم المتحدة تعرف /بمادة سورية/ ورقمها /87/ في الميثاق وتقول /إن الدول التي ساهمت في مؤتمر سان فرانسيسكو هي دول متكافئة لا يجوز أن تخضع لنظام الوصاية هكذا كان النبض السوري في محاولة تجنب أن تنقل سورية من الانتداب الى الوصاية.
هناك أمور يجب الاهتمام بها سياسياً /لا يحسن إسلام مسلم إن لم يتقن العربية, فالعربية بها القرآن الكريم, كيف تكون دولة إسلامية الثقة إن لم يتقن قادتها العربية وإن لم تعلم تلاميذها العربية/, ومنذ أن نشأت منظمة المؤتمر الاسلامي والدكتور جورج يطالب بأن تحاول المنظمة /على الأقل محاولة, أن يكون هنالك مكان للعربية في دساتير الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي واقترح إنشاء رابطة لأصدقاء اللغة العربية, وتضم إضافة الى العامة من الأجانب السفراء المتحدثين باللغة العربية.
الحوار بالفصحى سبيل تمكينها
الدكتور /محمد هيثم الخياط/ تحدث عن أسلوب تعليم النحو والمشكلات التي يعانيها أطفالنا في تعلم النحو, فهم لا يهمهم الخوض في فلسفة النحو وتوثيق القواعد وإسنادها, بل المهم أن يتعلم الطفل اللغة العربية الفصيحة وأن تكون هذه اللغة هي المستخدمة للحوار مع الطفل من قبل الأهل والمدرسة بدلاً من العامية والطفل نفسه سيكتشف جمال هذه الفصحى إذا ما قدمناه له بطرق جميلة وشيقة, والقضية قضية سماع فكلما أسمعنا الطفل اللغة الفصحى اعتاد عليها وتداولها, والدكتور محمد كامل حسين عضو مجمع اللغة العربية اختصر النحو بصفحات ست الأسطر الأولى فيها تقول: /النحو المعقود المتحدث عنه مرفوع وما بعد المضاف وحرف الجر مجرور../ طريقة بسيطة لتعلم النحو…
اللجنة الوطنية لتمكين اللغة
الدكتور /سهيل ملاذي/ باعتباره عضو اللجنة الوطنية لتمكين اللغة العربية والمحدثة بالقرار رقم /4/ لعام 2007 هذه اللجنة وزعت أعضاءها على كل الوزارات وطالبت بإنشاء لجان فرعية في كل المحافظات وذلك للاهتمام والعناية باللغة العربية وإبرازها في كل القطاعات ومراقبة اللغة في لغة الطفل والاعلام والوزارات الأخرى, وقد تجاوبت وزارة الاعلام والتلفزيون معنا لفترة وبعدها أخلّوا بالاتفاقيات ونحن بحاجة لتعاون كافة الجهات الرسمية معنا لتنفيذ خطتنا في هذه اللجنة.
التوعية ضرورة لتمكين اللغة
الدكتور /عبد النبي اصطيف/ تحدث عن حماية اللغة العربية من خلال اكتساب اللغة لأن العلم في الصغر كالنقش في الحجر وتسهم الأسرة والمدرسة والمجتمع في اكتساب اللغة السليمة الفصحى, وللأسف الأسرة ملوثة بالعامية واللغات الأجنبية وانطلاقاً من ذلك يجب أن نعزز الاستخدام السليم للغتنا العربية عبر حملة من التدابير ومنها:
- إقامة دورات توعية خاصة للأبوين ينصب الاهتمام بها على تعليم الأبوين الطرق المثلى في إكساب أطفالهم اللغة العربية المثلى وقريبة من الفصحى.
- تعزيز دور مجالس أولياء التلاميذ والمعلمين لتعاون المدرسة والبيت.
- تشكيل مجلس يضم نخبة من الآباء والأمهات والمدرسين والمربين وخبراء التربية واللغة يشرف على برامج الأطفال التي تبثها وسائل الاعلام المرئية والمسموعة.
- العناية بمنشورات الأطفال التي توضع بين يديهم /مجلات-كتب عامة ومدرسية-قصص الخ/.
- قيام الحكومة بضبط الاعلانات الطرقية وخاصة أننا نحن نعيش في عصر الصورة وهذا الأمر يرشح في ذهن الطفل إما الصح أو الخطأ.
- قيام مؤسسات وحكومات المجتمع المدني بمراقبة اللافتات وأسماء المحلات التجارية وإعلاناتها ومراقبة العلامات التجارية.
- الاستفادة من أماكن العبادة في تعزيز التكامل بين المؤسسات الثلاث /الأسرة-المدرسة-المجتمع/ لبناء لغة سليمة للطفل.
- اصطحاب الأطفال الى خطبة الجمعة, قداديس الكنائس, معاهد تحفيظ القرآن, الدروس الدينية, لغة القرآن..